لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٣
له من الطبيعة والآثار، يعلم ويتيقن أن للعالم الجسماني من أرضه و سمائه، ربا خالقا، حيا، مريدا، قادرا، محيطا بكل فرد من أفراد العالم، بل لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وفيضه وعطاؤه دائم على جميع الموجودات.
أما بيان الأول يعني تحصيل معرفة الله من التأمل في الآيات الأنفسية، فنقول: إن الإنسان إذا قرأ كتاب نفسه التي هي أقرب المخلوقات إليه، واشتغل بتلاوة آياته وتأمل فيها، يعلم أن مبدء وجوده وتكونه، إنما هو جوهر التراب ونقاوته التي جذبها أصول النباتات والأشجار من الأرض وصارت غذاء لها، ثم تصورت بصورة الأوراق والحبات والفواكه، ثم صار تلك النباتات والحبات غداء للحيوانات، وجملة من الحيوانات مع الفواكه وبعض النبات والحبات تصير غذاء للانسان وبعد ما صار ذلك الغذاء في معدة الإنسان مطبوخا ومنهضما، انتقل جوهره بوسيلة الأمعاء، والعروق الدقيقة الجاذبة النابتة منها، إلى الكبد، وبعد جريانه في عروق دقيقة كثيرة مفروشة في جرم الكبد، ينقلب إلى الدم، ثم تصير تلك العروق متحدة وعرقا واحدا يطلع من حدبة الكبد، وينتهي إلى العرق المسمى بالأجوف الصاعد والنازل، ثم من ذلك العرق يجري الدم إلى القلب والرية، ومن القلب يجري في العرق النابت من القلب، (وهو قوس يسمى باليونانية آورطى، ومنه يسري بوسيلة الشريانات إلى جميع الأعضاء وأجزاء البدن، فيأخذ كل عضو وجزء قسطه من ذلك الدم، ويتغذى به، وتأخذ القوة المغيرة، منه ما تجعله منيا، وبتوسط قوة الشهوة، وآلة التناسل، ينتقل إلى الرحم، فيصير فيه بعد تحولات وانقلابات إنسانا كاملا أي تام الأعضاء والجوارح والقوى اللازمة له في تحصيل معاشه ومعاده، فهل العاقل
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»