لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٠
لعالم الكون، والوجود الأصيل الذي هو حقيقة واحدة بالوحدة الحقيقية الحقة الإطلاقية، وقسم ظهوره بغيره، أي وجوده عارضي مفاض من غيره كجميع الماهيات. وكما أن لكل حقيقة في ذاتها وبذاتها من دون اختلاط غيرها بها وحدة حقيقية، كالماء، والتراب، وغيرهما، والتعدد، والاختلاف، والكثرة، عرضت عليها من قبل الاختلاط بالغير، كمكان، أو لون، أو طعم، أو غيرها، فلو جردت عن جميع ذلك كانت واحدة - لأن الشئ بنفسه لا يتثنى، ولا يتكرر، وإلا لم يوجد منه واحد، وإذا لم يوجد واحد، لا يوجد الكثرة منه، لأن كل كثرة، لا محالة مركبة من الوحدات، وكل مركب، يتركب من البسائط - فكذلك الوجود الأصيل أيضا حقيقية واحدة، لا كثرة، ولا تعدد فيها، غاية الأمر: أن غير الوجود من الحقائق قابل للاختلاط بغيره، من المكان، والزمان، وغيرهما مما هو في عرضه، كما ذكر، وأما حقيقة الوجود، لأنها مبدأ كل وجود ومفيضه، فهي متقدمة على كل شئ، وليس في عرضها شئ ليختلط بها، فهي باقية على وحدتها الذاتية.
وببيان آخر: نقول: ما يطلق عليه لفظ الوجود، ويقال له الموجود، على قسمين: قسم له حقيقة وذات - تسمى بالماهية - غير الوجود، و اسم خاص بإزائها، مثاله: الكلمات التي يتكلم بها الإنسان، وحروفها كألف، وباء، وغيرهما، فلها حقيقة وماهية هي ماهية ألف، وباء، ولها وجود يوجد في عالم اللفظ، والكتابة، ولولاه، لا تقرر لها لفظا، أو كتابة، لأن ماهيتها ليس لها في ذاتها وجود، ولو كان، لكانت موجودة بنفسها من غير احتياج إلى لافظ، أو كاتب، فوجودها عارض عليها من اللافظ، أو الكاتب وهكذا حال جميع الموجودات التكوينية، من البسائط، والمركبات، التي لها حقيقة وماهية غير الوجود، كالماء،
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»