لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٦٧

____________________
وقال الحافظ أبو بكر محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري في كتابه " إثبات إمامة أبي بكر الصديق: " فإن قال قائل من الروافض: إن أفضل فضيلة لأبي الحسن (ع) وأدل [دليل] على إمامته، ما روي عن أسماء بنت عميس قالت:
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوحى إليه ورأسه في حجر علي بن أبي طالب (ع) فلم يصل العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله (ص) لعلي: " صليت "؟
قال: لا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس "، قالت أسماء، فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت. قيل له: كيف لنا لو صح هذا الحديث فنحتج على مخالفينا من اليهود والنصارى، ولكن الحديث ضعيف جدا، لا أصل له، وهذا مما كسبت أيدي الروافض، ولو ردت بعد ما غربت لرآها المؤمن والكافر، ونقلوا إلينا أن في يوم كذا، من شهر كذا، في سنة كذا، ردت الشمس بعد ما غربت. ثم يقال للروافض (1): أيجوز أن ترد الشمس لأبي الحسن حين فاتته صلاة العصر، ولا ترد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولجميع المهاجرين والأنصار، وعلي (عليه السلام) فيهم، حين فاتتهم صلاة الظهر والعصر والمغرب يوم الخندق؟. قال (ابن زنجويه): وأيضا مرة أخرى عرس رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمهاجرين والأنصار حين قفل من غزوة خيبر، فذكر نومهم عن صلاة الصبح وصلاتهم لها بعد طلوع الشمس، قال: فلم يرد الليل على رسول الله وعلى أصحابه. قال: ولو كان هذا فضلا، أعطيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما كان الله ليمنع رسوله شرفا و فضلا - يعني أعطيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) -. ثم قال (ابن زنجويه):
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (2): قلت لمحمد بن عبيد الطنافسي: ما

1 - بل لغير الروافض أيضا ممن تقدم ذكرهم من محققي أهل السنة وحفاظهم، لو لم يكونوا عنده وعند أمثاله - بسبب نقلهم الحديث أو تصحيحهم له، أوردهم على من قال إنه موضوع - رافضيا. ولما لم يثبت عندنا فوت صلاة الظهر والعصر والمغرب عن النبي صلى الله عليه وآله يوم الخندق، وكذا نومه عن صلاة الصبح فلم يبق لقوله بعد ذلك، " أيجوز أن ترد الشمس لأبي الحسن... " مورد أصلا، هذا مضافا إلى ما أجاب شارح الشفاء عن ذلك، الذي نقلناه في ص 155 من الكتاب.
2 - قال ابن حجر: إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي أبو إسحاق الجوزجاني: سكن دمشق... (ثم قال:) قلت: وقال ابن حبان في " الثقات ": كان حروري المذهب (أقول: الحرورية على ما في " مجمع البحرين " وغيره: الخوارج كان أول مجتمعهم في الحروراء، قرية بقرب الكوفة) ولم يكن بداعية، وكان صلبا في السنة حافظا للحديث، إلا أنه من صلابته ربما كان يتعدى طوره. وقال ابن عدي: كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على على (عليه السلام).
وقال السلمي عن الدارقطني بعد أن ذكر توثيقه: لكن فيه انحرف عن علي (عليه السلام)، اجتمع ببابه أصحاب الحديث، فأخرجت جارية له، فروجة (أي فرخ دجاجة) لتذبحها، فلم تجد من يذبحها، فقال (أي الجوزجاني): سبحان الله، فروجة لا يوجد من يذبحها، وعلي يذبح في ضحوة (أي في ارتفاع نهار) نيفا و عشرين ألف مسلم. (قال ابن حجر بعد ذلك:) قلت: وكتابه في الضعفاء يوضح مقالته، ورأيت في نسخة من كتاب ابن حبان: حريزي المذهب، وهو بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وبعد الياء زاي، نسبة إلى حريز بن عثمان المعروف بالنصب، وكلام ابن عدي يؤيد هذا. " تهذيب التهذيب "، جزء 1، ص 181 - 172. أقول:
وقد ورد ترجمته أيضا في " تذكرة الحفاظ "، ج 2، ص 549، وفيها نقلا عن ابن عدي: وكان يتحامل على علي رضي الله عنه، وعن الدارقطني، وفيه انحراف عن علي (عليه السلام). قال أبو الدحداح: مات في ذي القعدة سنة 259، وقال غيره:
سنة 256. و " معجم البلدان " (ط بيروت، سنة 1388 ه‍) جزء 2، ص 182 - 183، وفيه نقلا عن الدارقطني: لكن كان فيه انحراف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال عبد الله بن أحمد بن عديس: كنا عند إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، فالتمس من يذبح له دجاجة فتعذر عليه، فقال: يا قوم، يتعذر على من يذبح لي دجاجة، وعلي بن أبي طالب قتل سبعين ألفا في وقت واحد، أو كما قال.
أقول: فلا عجب من صاحب الترجمة (الجوزجاني) وما قال، نقلا عن محمد بن عبيد الطنافسي العثماني في حق من ذهب إلى رجوع الشمس على علي عليه السلام بدعاء النبي صلى الله عليه وآله، بل لا عجب من كل من كان من أهل دمشق - كابن تيمية، وابن كثير - وكان همه مصروفا إلى رد الأحاديث الصحيحة التي نقلها الفريقان في فضائله عليه الصلاة والسلام، بناء على ما تقدم نقله عن ابن عدي، فتدبر.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»