لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٦٤

____________________
وصدق ابن ناصر ثم نقل بعده عن أبي الفرج بن الجوزي أنه قال: وقد رواه ابن مردويه من طريق حديث داود بن واهج [فراهيج - صح] عن أبي هريرة قال: نام رسول الله (ص) ورأسه في حجر على... فردت عليه الشمس حتى صلى ثم غابت ثانية، ثم قال: وداود ضعفه شعبة (1). ثم قال ابن الجوزي: ومن تفضيل واضع هذا الحديث إنه نظر إلى صورة فضله ولم يتلمح عدم الفائدة، فإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس صارت قضاء، فرجوع الشمس لا يعيدها أداء (2)، وفي الصحيح: إن الشمس لم تحبس على أحد إلا ليوشع (3). (قال ابن كثير بعد ذلك) قلت: هذا الحديث ضعيف ومنكر من جميع طرقه (4)، فلا تخلو واحدة

1 - تقدم في ص 145 - 146 ترجمة داود بن فراهيج، وما قال ابن معين و يحيى القطان وابن عدي وأبو حاتم والعجلي في حقه مما يدل على وثاقته.
2 - تقدم في ص 138 و 153 - 154 من الكتاب ما قاله ابن حجر الهيتمي والصبان وعلي القاري شارح الشفاء، ردا على ابن الجوزي ومن تابعه في هذا المقال، كالدلجي الذي هو شارح آخر لكتاب " الشفاء " للقاضي عياض.
3 - تقدم في ص 134 و 139 و 142 و 154 الجواب عن ذلك، نقلا عن الطحاوي في مشكل الآثار، وصاحب المعتصر والسيرة الدحلانية، وعلي القاري شارح الشفاء.
4 - قوله: هذا الحديث ضعيف ومنكر من جميع طرقه... وكذا ما ذكره ضمن رده للأحاديث التي نقلها الحسكاني في رد الشمس لعلي عليه السلام بقوله تارة:
والذي يظهر أن هذا (أي حديث رد الشمس) مفتعل من بعض الرواة، أو قد دخل على أحدهم وهو لا يشعر، وأخرى: وكل هذا يدل على أنه (أي حديث رد الشمس) موضوع مصنوع مفتعل يسرقه هؤلاء الرافضة بعضهم من بعض. وثالثة: وأنه (أي حديث رد الشمس) مصنوع مما عملته أيدي الروافض. وكذا قول ابن زنجويه البخاري، ولكن الحديث ضعيف جدا لا أصل له، وهذا مما كسبت أيدي الروافض.
في غاية الوهن والركاكة، كيف وقد تقدم: أن الحديث نقله عدة كثيرة من محدثي أهل السنة وحفاظهم بطرق عديدة مختلفة، وذهب عدة من محققيهم إلى صحته متنا وسندا، وردوا على جمع قالوا: إنه موضوع أو ذهبوا إلى ضعف سند الحديث بطرقه الكثيرة.
وتقدم أيضا: إن الحديث أرسله إرسال المسلمات، الفخر الرازي في تفسيره، وابن حجر الهيثمي في صواعقه، والشبلنجي في نور أبصاره، والصبان في إسعافه، وتقدم أيضا (على ما نقله أبو جعفر الطحاوي وغيره) أن أحمد بن صالح المصري كان يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء (في رد الشمس لعلي عليه السلام) لأنه من علامات النبوة.
وقد قال أبو جعفر الطحاوي (وهو الذي نقل حديث رد الشمس في كتابه " مشكل الآثار ") في ص 3 من الجزء 1 من كتابه (المذكور)، فإني نظرت في الآثار المروية عنه صلى الله عليه وآله وسلم بالأسانيد المقبولة التي نقلها ذووا التثبت فيها والأمانة عليها وحسن الأداء لها، فوجدت فيها أشياء مما سقطت معرفتها والعلم بما فيها من أكثر الناس، فمال قلبي إلى تأملها وتبيان ما قد وردت عليه من مشكلها...
وقال السبط بن الجوزي في ص 8 من " تذكرة خواصه " (قبل نقله حديث رد الشمس وسائر الأحاديث الواردة في فضائل علي عليه السلام): الباب الثاني في ذكر فضائله عليه السلام، وهي أشهر من الشمس والقمر، وأكثر من الحصى والمدر، وقد اخترت منها ما ثبت واشتهر، وهي قسمان، قسم مستنبط من الكتاب، والثاني من السنة الظاهرة التي لا شك فيها ولا ارتياب.
وقال الحافظ علي القاري في " شرح الشفاء "، جزء 1، ص 589 ذيل قول القاضي (وأما رد الشمس له صلى الله عليه (وآله) وسلم)، فاختلف المحدثون في تصحيحه وضعفه ووضعه، والأكثرون على ضعفه، فهو في الجملة ثابت بأصله، وقد يتقوى بتعاضد الأسانيد إلى أن يصل إلى مرتبة حسنة، فيصح الاحتجاج به.
وقد تقدم أيضا عن السيوطي إنه قال (في ص 337 من الجزء 1 من كتابه " اللآلي المصنوعة " بعد نقل الحديث بطرقه الكثيرة وما قالوا فيه): ثم الحديث صرح جماعة من الأئمة والحفاظ بأنه صحيح، إلى أن قال في ص 341، ومما يشهد بصحة ذلك (أي بصحة حديث رد الشمس) قول الإمام الشافعي وغيره: ما أوتي نبي معجزة إلا وقد أوتي نبينا صلى الله عليه (وآله) وسلم نظيرها أو أبلغ منها، وقد صح أن الشمس حبست على يوشع (عليه السلام) ليالي قاتل الجبارين، فلا بد أن يكون لنبينا صلى الله عليه (وآله) وسلم نظير ذلك...
وتقدم أيضا عن السيوطي إن أبا الحسن شاذان الفضلي العراقي كتب جزء مستقلا في حديث رد الشمس بطرقه الكثيرة.
وتقدم عن ابن كثير نفسه (وعن غيره): أن أبا القاسم الحسكاني صنف في حديث رد الشمس كتاب سماه " تصحيح حديث رد الشمس وترغيم النواصب الشمس "، فالحديث صحيح لا غبار عليه أصلا وله أصل أصيل عند الفريقين، فتدبر.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 166 167 168 169 170 ... » »»