لب الأثر في الجبر والقدر - محاضرات السيد الخميني ، للسبحاني - الصفحة ١٠٠
وربما ينسبق إلى الذهن بأن الذاتي لا يحتاج إلى علة موجدة وهو خطأ محض، لأن الذاتي أمر ممكن، والممكن لا يتحقق إلا بعلة محدثة، فالذاتي بحاجة ماسة إلى العلة في وجوده وتحققه، لأن نسبة الوجود إلى موضوع لا يخلو عن حالات ثلاث: إما أن يكون وصفه به واجبا، أو ممكنا، أو ممتنعا والأمر دائر بين الثلاثة والحصر فيه عقلي، فإن كانت النسبة على النحو الأول والثالث وقلنا باستقلال الامتناع في الجهة ولم نقل برجوعه إلى جانب الوجوب، على ما هو المبين في محله كان مستغنيا عن العلة والجعل، لأن وجوب الوجوب أو وجوب العدم مناط الاستغناء عن الجعل والعلة، كما أن الثاني هو مناط الاحتياج، إذ المفروض أن الممكن برزخ بينهما يصح أن يوصف به وأن لا يوصف، وما هو كذلك لا يوصف إلا مع العلة.
وعلى ذلك فإذا قلنا: الأربعة موجودة، فنسبة الوجود إليها يكون من قبيل الثاني، فهي في حد الاستواء لا يخرج عنه إلا بسبب يضفي عليه وجوب الوجود، أو وجوب العدم، وإن كان يكفي في عدمه عدم العلة، ولكنه بعد تحقق الأربعة في الخارج ينتزع الزوجية من دون حاجة إلى سبب آخر، بل سبب وجود الأربعة كاف في انتزاعها عنه، لأن المفروض أنها لا تفارقها في
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»