يجب صدور جميع الموجودات ومنها أفعال العباد، بالقضاء الإلهي والعلم الأزلي، وإلا لزم تخلف المعلوم عن العلم، والمراد عن الإرادة الممتنع في حقه عز وجل، فيصير العباد مقهورين في أفعالهم وإن كانوا مختارين في الظاهر.
الجواب عن الشبهة إن الجواب عن الشبهة واضح بشرط الالتفات إلى ما ذكرنا سابقا، وهو أن علمه تعالى لم يتعلق بتحقق الموجودات في عرض واحد حتى تسلب العلية عن سائر مراتب الوجود ويستند الكل إليه سبحانه في درجة واحدة، بل تعلق علمه بالنظام الكياني على ترتيب الأسباب والمسببات والعلل والمعلولات بحيث يصدر كل مسبب عن سببه القريب حقيقة، ولم يتعلق بتحقق الموجود في عرض علته أو به بلا توسط سببه، والشاهد على ذلك كون الوجود معقولا بالتشكيك وتعلق كل مرتبة بمرتبة متلوة على وجه لا يكون لكل درجة من الوجود، التجافي عنها، وإلا يلزم الانقلاب الذاتي الممتنع، وعلى ذلك فكل ما في الكون من وجود وتحقق فهو مرتبط بعلته القريبة وسببه.
فالسبب يؤثر في مسببه، والعلة في معلوله، وبه تعلق علمه