طهارة آل محمد (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ٧٩
أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (1).
واعلم أيضا أن جبرائيل استأذن مع ملك الموت فاطمة الزهراء (عليها السلام) مرة أخرى عند وفاة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، لكي يدخل الدار، فرفضت فاطمة في المرة الأولى.
ثم أعاد الاستئذان فرفضت، وفي الثالثة قال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، أأدخل؟ فلا بد من الدخول.
فأذنت له صلوات الله عليها (2).
وعن ابن عباس: أن ملك الموت استأذن عليا (عليه السلام) فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟
فقال له علي: ارجع فإنا مشاغيل عنك.
فقال (صلى الله عليه وسلم): هذا ملك الموت، ادخل راشدا. فبلغني أن ملك الموت لم يسلم على أهل بيت قبل ولا يسلم بعده " (3).
هذا جبرائيل الأمين وملك الموت، فلماذا لم يستأذن الخؤون عندما اقتحم الدار.
جبرائيل أمين الله على وحيه، وسلطان الملائكة العظام، وخير أهل السماء، المنزه عن المعاصي تكوينا، والبعيد عن الشهوات، مع ذلك يطلب الإذن من فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها صلوات المصلين عليهم ما طلع نجم وأفل آخر.
يستأذن مع أن مجيئه كان لإيصال البركات إليهم من قبل الله تعالى.
بينما نجد أجلاف الصحراء وعديمي الرحمة، يقتحمون الدار بلا استئذان، وهدفهم كسر الباب وإهانة المقدسات (4).
ذلك الباب الذي كان يقف النبي (صلى الله عليه وآله) ويستأذن للدخول منه، ويتلو آية التطهير والرحمة

١ - إحقاق الحق: ٢ / ٥٥٥، والمنتخب للطريحي: ٢٥٩ ط. لبنان و ١٨٦ ط. الثالثة.
٢ - درة الناصحين في الوعظ والارشاد للخويري: ٦٨ المجلس ١٦، والمعجم الكبير للطبراني: ٣ / ٦٢ ح ٢٦٧٦، ومجمع الزوائد: ٩ / ٣٥ ط. مصر وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: ٨ / 602 ح 14253.
3 - المواهب اللدنية: 3 / 388 - 387 الفصل الأول من المقصد العاشر.
4 - كما يأتي مفصلا في الكتاب الرابع.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»