طهارة آل محمد (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ٢١٧
كلام السمهودي في معطيات آية التطهير قال في جواهر العقدين: قلت: وإنما بدأت بهذه الآية لأني تأملتها مع ما ورد من الأخبار المتقدمة في شأنها وما صنعه النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد نزولها، فظهر لي أنها منبع فضائل أهل البيت النبوي (صلى الله عليه وسلم) لاشتمالها على أمور عظيمة لم أر من تعرض لها:
أحدها: اعتناء الباري جل وعلا بهم وإشادته بعلو قدرهم، حيث أنزلها في حقهم.
ثانيها: تصديره عز وجل لذلك بقوله - " إنما " التي هي أداة الحصر، لإفادة أن إرادته في أمرهم مقصورة على ذلك الذي هو منبع الخيرات لا يتجاوز إلى غيره.
ثالثها: تأكيده تعالى لتطهيرهم بالمصدر ليعلم أنه في أعلى مراتب التطهير.
رابعها: تنكيره تعالى لذلك المصدر حيث قال: * (تطهيرا) * إشارة إلى كون تطهيره إياهم نوعا غريبا ليس مما يعهده الخلق، ولا يحيطون بدرك نهايته.
خامسها: شدة اعتنائه (صلى الله عليه وسلم) بهم وإظهاره لاهتمامه بذلك، وحرصه عليهم مع إفادة الآية لحصوله، فهو لطلب تحصيل المزيد من ذلك، ثم كرر طلبه لذلك من مولاه عز وجل مع استعطافه بقوله: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي " أي: وقد جعلت إرادتك في أهل بيتي مقصورة على إذهاب الرجس وللتطهير، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، بأن تجدد لهم من مزيد تعلق الإرادة بذلك ما يليق بعطائك، وفيه الإيماء إلى سبب العطاء عما سبق من العطاء توسلا بإنعامه لإنعامه.
سادسها: دخوله (صلى الله عليه وسلم) معهم في ذلك.
ثم قال بعد أن أورد ما أثبت به ذلك: وفيه من مزيد كرامتهم وإنافة تطهيرهم وإبعادهم عن الرجس الذي هو الإثم أو الشك فيما يجب الإيمان به ما لا يخفى موقعه عند أولي الألباب.
سابعها: دعاؤه (صلى الله عليه وسلم) لهم مع دعائه بما تضمنته الآية بأن يجعل الله صلواته ورحمته وبركاته
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 221 222 223 ... » »»