طهارة آل محمد (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ٢٢٣
هل إرادة الله في الآية جبرية؟
قد قيل: بناء على كون إرادة الله في آية التطهير إرادة تكوينية يلزم جبر محمد وآل محمد (عليهم السلام) على ترك الرجس والمعاصي، وأن تكون العصمة فيهم (عليهم السلام) غير اختيارية، بل مخلوقة فيهم بصورة جبرية.
ويمكن أن يجاب عنه بأحد أمرين:
أولا: بكون الآية أجنبية عن معنى جبر أهل البيت (عليهم السلام) على العصمة، وذلك أن الإشكال إنما يتم لو كانت الإرادة متعلقة بإرادة أهل البيت (عليهم السلام).
أما لو كانت إرادة الله تعالى متعلقة بإذهاب الرجس وإبعاده عن أهل بيت محمد (عليهم السلام) فلا يتم الإشكال، لأن إرادة الله إذا تعلقت بالرجس فيكون الله تعالى يريد بإرادته التكوينية الأزلية أن يبعد الرجس والمعاصي عن أهل البيت (عليهم السلام)، ولا يريد سبحانه أن يجبرهم على ذلك، بل يكون من باب تحصيل الحاصل، حيث أنه تعالى قد منع طروق الرجس إليهم، وأصبحت المعاصي بعيدة عنهم (عليهم السلام)، فكيف يعقل جبرهم على شئ غير موجود فيهم ومنع عن التوجه إليهم تكوينا، وليس له الحلول في ساحتهم المطهرة من قبل الله تعالى.
وبعبارة علمية موجزة: إرادة الله عز وجل في مورد دفع الرجس عن أهل البيت (عليهم السلام)، وليست في مورد رفع الرجس عنهم.
والدفع معناه منع المعاصي عن الحلول في ساحة آل محمد (عليهم السلام)، وهو يقتضي عدم وجوده سابقا، وهذا ما يتناسب مع حال آل محمد (عليهم السلام) كما قدمناه في الكتاب الأول - الولاية التكوينية - من طهارتهم منذ الأزل الإلهي، فلم يحل عليهم أي نوع من أنواع المعاصي، أو الرجس والنجس والرجز ونحوها من الألفاظ المنافية لعروج آل محمد (عليهم السلام)، وترقيهم في الكمال الملكوتي والعز الجبروتي.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 221 222 223 224 225 226 227 228 » »»