شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٢٧٢
العلم من المهد إلى اللحد. وقوله (صلى الله عليه وآله) تعلم العلم ولو بالصين. وقوله (صلى الله عليه وآله) أنا مدينة العلم وعلي عليه السلام بابها، ومن قال لك إن القرآن الكريم جمع كل العلوم من طب وهندسة وحساب وكيمياء وفيزياء وأحياء وفنون.
نعم إن القرآن عرض لبعضها وشجع على تعليمها وأشاد بالعلماء وسفه الجهل والجهلاء وقال: (بشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك أولو الألباب) وقال في سورة البقرة آية 269: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا).
اجتهاد عمر في تدمير العلوم نقل عن عمر بن ميمون عن أبيه: أنه أتى عمر بن الخطاب (رض) رجل فقال : يا أمير المؤمنين! إنا لما فتحنا المدائن أصبت كتابا فيه كلام معجب قال أمن كتاب الله تعالى؟ قال: لا. فدعى بالدرة فجعل يضربه بها وجعل يقرأ: (الر تلك آيات الكتاب المبين. إنا أنزلنا قرآنا عربيا لعلكم تعقلون إلى قوله تعالى: وإن كنت من قبله لمن الغافلين). ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم إنهم أقبلوا على كتب علمائهم وأساقفتهم وتركوا التوراة والإنجيل حتى درسا وذهب ما فيها من العلم " فماذا فهم عمر من الرجل وهو يجهل ما في الكتاب وكيف اجتهد بهذه السرعة؟ وماذا عنى بقوله ذلك؟ وهل إذا كان الكتاب يبحث في الطب والهندسة والكيمياء أو الفيزياء أو علم الأحياء أو الفنون أو الرياضيات كانت تنافي القرآن أم تسنده وتسند سنن وأحاديث النبوة بنشر المعارف وتلقي العلوم وأصول الحكمة. ألم يقل الله في محكم كتابه (وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات) فاطر: 21، وقوله (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) ولقد ذكرتني هذه القصة بالخطبة الشقشقية التي ألقاها علي عليه السلام على المسلمين في الكوفة وهو يكني بها عما تقحمه أبو بكر وعمر من تسلم أمر ليسا بأهل له وكيف اضطر إلى الصبر وهو باب مدينة علم رسول الله صلى الله
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»