شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ١١٧
رأس المشركين في حروب الأحزاب يقدم حقيقة ناصعة في جواب رسالة أرسلها له محمد بن أبي بكر يلومه فيها على تخلفه لبيعة علي - عليه السلام - ومخاصمته إياه مبينا فيه حقه من الله ورسوله. ذلك ما رواه أجلة المؤرخين وأهل السير كالمسعودي وهاك جواب معاوية لمحمد بن أبي بكر:
" أما بعد: فقد أتاني كتابك. حتى وصل إلى قوله:
ذكرت فيه فضل ابن أبي طالب - عليه السلام - وقديم سوابقه وقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ونصرته له ومواساته إياه في كل هول وخوف إلى أن قال: فقد كنا وأبوك (يعني أبا بكر) معا في حياة نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - نعرف حق بن أبي طالب لازما لنا وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه ما عنده وأتم له ما وعده وأظهر دعوته وأفلح حجته وقبضه الله إليه كان أبوك وفاروقه أول من ابتز حقه وخالفه على أمره على ذلك اتفقا واتسقا ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما فهما به الهموم وأرادا به العظيم ثم إنه بايعهما وسلم لهما وإذا لا يشركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرهما حتى قبضهما الله تعالى . إلى أن قال: فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله وأن يكن جورا فأبوك رأسه ونحن شركاءه بهديه أخذنا وبفعله اقتدينا، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب - عليه السلام - وسلمنا إليه ولكنا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا فاحتذينا مثاله واقتدينا بفعاله فصب أباك بما بدا لك أو دع " فاقرأ وتأمل وأعتبر.
ولقد ثبت أن كثير من علماء العامة وثقاتهم يعرفون كثيرا من الحقائق بيد أنهم يخشون بيانها خوف المغرضين وتحريك العامة ولقد سبق مثل ذلك أن بعض العلماء الأعلام المنصفين المتبحرين من أهل السنة والجماعة حاولوا إظهار بعض الحقائق فلاقوا الأمرين من المتعصبين السفهاء والجهلة من العوام
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»