سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٥٠
كل ما يملكون من أموال وستهدد مصالحهم في الخارج، فأرسل أبو سفيان إلى قريش يستنفرهم للقتال، والدفاع عن أموالهم وصارت مكة في حيرة من أمرها بعدما رأت عاتكة بنت عبد المطلب رؤيتها في المنام وبدخول البلاء إلى كل دار من ديار قريش (1) فبعد كل ذلك تهيأ المشركون للقتال وأعدوا العدة وجاءوا بغرورهم المعروف وكل همهم أن يقتلوا الرسالة وينهوا الأمر والشاهد على غرورهم ذلك قول أبو جهل حيث قال قاصدا المسلمين " ما هم إلا أكلة رأس لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد " (2) فهذا الغرور الذي جعلهم يسجدون إلى لصنم ولا يسجدون لإله محمد (صلى الله عليه وآله) سيوصلهم إلى الظلام وإلى حافة الهلاك وبالفعل جاءوا جميعا، وقصدوا القتال، بعدما خرجوا لإنقاذ القافلة وعلموا بسلامتها، فقرروا أن يواجهوا الرسول (صلى الله عليه وآله) فواجههم الرسول (صلى الله عليه وآله) بثلاثمائة وثلاثة عشر لا يملكون عدة المواجهة الكاملة ولكنهم مسلحين بسلاح الإيمان والبطولة والتضحية كيف لا وهذا قول المقداد " يا رسول الله أنها قريش وخيلائها وقد أمنا بك وصدقنا وشهدنا أن ما جئت به حق والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا وشوك الهراس لخضناه معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ولكنا نقول امض لأمر ربك فإنا معك مقاتلون " (3) فكان هذا موقف للأصحاب افتخر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالإضافة إلى ذلك قام له سعد بن معاذ ليبين للرسول موقف الأنصار فقال " بأبي أنت وأمي يا رسول الله إنا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله فمرنا بما شئت وخذ من أموالنا ما شئت واترك منها ما شئت والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك ولعل الله عز وجل أن يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله " (4).
فتهللت أسارير رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرحا لهذه المواقف النبيلة والشريفة واستعد للمواجهة وخطب بالمسلمين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
" أما بعد فأني أحثكم على ما حثكم الله عليه، وأنهاكم عما نهاكم عنه فإن الله عظيم شأنه، يأمر بالحق ويحب الصدق ويعطي على الخير أهله على منازلهم عنده، به يذكرون وبه يتفاضلون، وأنكم قد أصبحتم بمنزل من منازل الحق، لا يقبل الله فيه

(1) الميزان: ح 9 / 24.
(2) الميزان: ح 9 / 24.
(3) الميزان: ج 9 / 24.
(4) الميزان: ج 9 / 25.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»