سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٥١
من أحد إلا ما ابتغى به وجهه، وأن الصبر في مواطن البأس مما يفرج الله به الهم، وينجي به من الغم، تدركون به النجاة في الآخرة فيكم نبي الله يحذركم ويأمركم فاستحيوا اليوم أن يطلع الله على شئ من أمركم يمقتكم عليه فإنه تعالى يقول:
* (لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم) * انظروا في الذي أمركم به من كتابه.... الخ " (1) وبعد أن أكمل خطبته الشريفة استعد الطرفان للمواجهة ودارت رحى المعارك وسجلت المواقف للأبطال الذين آمنوا بالله حق إيمانه وتصدر قائمة الفرسان علي بن أبي طالب باعتراف الفريقين حيث شاطر القوم في مواجهتهم بالمناصفة واستجاب الله دعاء رسوله (صلى الله عليه وآله) عندما قال " اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " فجاءت الإمدادات الإلهية * (إذ يوحي ربك للملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا فوق كل بنان ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ذلكم فذوقوا وإن للكافرين عذاب النار) * (2) فكانت المواجهة مصيرية تحدد للرسالة أهدافها وتؤصل جذورها وتحكم قواعدها فيما إذا تحقق النصر للمسلمين، فقتل من المشركين من قتل وفي مقدمتهم أبو جهل ابن هشام فوقف الرسول (صلى الله عليه وآله) عليه فقال: " إن هذا أعتى على الله من فرعون أن فرعون لما أيقن بالهلاك وحد الله وأن هذا لما أيقن بالهلاك دعا باللات والعزى " (3) فانتصر المسلمون بقيادة رسول الله وتحقق وعد الله لرسوله وانهزم مشركي مكة وكفارها بعد ذلك الذل والتنكيل وبدأت آيات الله تشعر المسلمين بضرورة شكر الله وأن لا يغتروا بالنصر حيث قالت:
* (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) *.
معركة أحد المعركة الأخرى التي اضطرمت نيرانها بين المسلمين والمشركين هي معركة أحد، فلما انهزم جيش المشركين في بدر ظلت غائلة الحقد في صدورهم على رسول الله

(١) الميزان: ج ٩ / ٢٩.
(٢) الأنفال: ١٢ - 14.
(3) الميزان: 9 / 30.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»