رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٨٨
حتى يهددوا بعدم نظره سبحانه إليهم، بل الذي ينفعهم هو وصول رحمته إليهم، والذي يصح تهديدهم به هو عدم شمول لطفه لهم، فيكون المراد عدم تعطفه إليهم، على أن تفسير قوله (لا ينظر إليهم) ب‍ لا يراهم يستلزم الكفر، فإنه سبحانه يرى الجميع (وهو يدرك الأبصار).
والحاصل: أن النظر إذا أسند إلى العيون يكون المعنى بالمراد الاستعمالي والجدي هو الرؤية على أقسامها، وإذا أسند إلى الشخص كالفقير أو إلى الوجوه فيراد به الرؤية استعمالا والانتظار جدا.
ثم إن لصاحب الكشاف هنا كلمة جيدة، حيث يقول بهذا الصدد: يقال: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي يريد معنى التوقع والرجاء، ومن هذا القبيل قوله:
وإذا نظرت إليك من ملك والبحر دونك زدتني نعما وقال: سمعت سروية مستجدية بمكة وقت الظهر حين يغلق الناس أبوابهم ويأوون إلى مقائلهم تقول: عيينتي نويظرة إلى الله وإليكم، تقصد راجية ومتوقعة لإحسانهم إليها، كما هو معنى قولهم: أنا أنظر إلى الله ثم إليك، وأتوقع فضل الله ثم فضلك (1).

(1) الزمخشري، الكشاف 3: 294.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»