رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٨٧
وتحكيه الجمل التالية:
تظن أن يفعل بها فاقرة، ترهقها قترة، تصلى نارا حامية.
أفبعد هذا البيان يبقى شك في أن المراد من (إلى ربها ناظرة) هو انتظار الرحمة!!
والقائل بالرؤية يتمسك بهذه الآية، ويغض النظر عما حولها من الآيات، ومن المعلوم أن هذا من قبيل محاولة إثبات المدعى بالآية، لا محاولة الوقوف على مفادها.
ويدل على ذلك أن كثيرا ما تستخدم العرب النظر بالوجوه في انتظار الرحمة أو العذاب، وإليك بعض ما ورد في ذلك:
وجوه بها ليل الحجاز على الهوى إلى ملك كهف الخلائق ناظرة وجوه ناظرات يوم بدر إلى الرحمن يأتي بالفلاح فلا نشك أن قوله: وجوه ناظرات بمعنى رائيات، ولكن النظر إلى الرحمن هو كناية عن انتظار النصر والفتح.
إني إليك لما وعدت لناظر نظر الفقير إلى الغني الموسر فلا ريب أن اللفظين في الشعر وإن كانا بمعنى الرؤية، ولكن نظر الفقير إلى الغني ليس بمعنى النظر بالعين، بل الصبر والانتظار حتى يعينه.
قال سبحانه: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) (آل عمران / 77)، والمراد من قوله: (لا ينظر إليهم) هو طردهم عن ساحته وعدم شمول رحمته لهم وعدم تعطفه عليهم، لا عدم مشاهدته إياهم، لأن رؤيته وعدمها ليس أمرا مطلوبا لهم
(٨٧)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»