ما آتيتك وكن من الشاكرين) (الأعراف / 144).
قال الرازي: اعلم إن موسى (عليه السلام) لما طلب الرؤية ومنعه الله منها، عدد الله عليه وجوه نعمه العظيمة التي له عليه، وأمره أن يشتغل بذكرها كأنه قال: إن كنت قد منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النعم كذا وكذا، فلا يضيق صدرك بسبب منع الرؤية، وانظر إلى سائر أنواع النعم التي خصصتك بها، واشتغل بشكرها، والمقصود تسلية موسى (عليه السلام) عن منع الرؤية، وهذا أيضا أحد ما يدل على أن الرؤية جائزة على الله تعالى، إذ لو كانت ممتنعة في نفسها لما كان إلى ذكر هذا القدر حاجة (1).
وقد تبعه إسماعيل البروسي فقال في تفسير قوله (وكن من الشاكرين): أن اشكر، يبلغك إلى ما سألت من الرؤية، لأن الشكر يستدعي الزيادة، لقوله تعالى:
(لئن شكرتم لأزيدنكم) (إبراهيم / 7) والزيادة هي الرؤية لقوله تعالى (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) (يونس / 26)، وقال عليه الصلاة والسلام: الزيادة هي الرؤية، والحسنى هي الجنة (2).
ومن المثبتين للرؤية من يستحسن مواقف المستدلين بهذه الآية ويقول: إن الاستدلال بهذه الآية على الجواز قوي، لأن الله تعالى عدد لموسى (عليه السلام) هذه النعم التي أنعم الله بها عليه لما منعه من حصول جائز طلبه منه، فذكر ما ذكر تسلية له، ولو منعه من ممتنع لكان بخطاب آخر،