بيت زيد الذي يعد أوساخا ملوثة لبيته، فيكون قد ذمه دون أن يمدحه، بل يجب علينا أن نقول: بأنه أخبر عن جوده وسخائه، والعبرة في النسبة المراد الجدي لا الاستعمالي، وهذه هي القاعدة الكلية في تفسير كلمات الفصحاء والبلغاء.
والآن سنوضح مفاد الآية ونبين ما هو المراد الاستعمالي والجدي فيها، وذلك لا يعلم إلا برفع إبهام الآية بمقابلها، فنقول: إن هناك ستة آيات تقابلها ثلاثة، وهي كالآتي:
1 - (كلا بل تحبون العاجلة) يقابلها: (وتذرون الآخرة).
2 - (وجوه يومئذ ناضرة) يقابلها: (وجوه يومئذ باسرة).
3 - (إلى ربها ناظرة) يقابلها: (تظن أن يفعل بها فاقرة).
فلا شك أن الآيات الأربع الأول واضحة لا خفاء فيها، وإنما الإبهام وموضع النقاش هو الشق الأول من التقابل الثالث، فهل المراد منه جدا هو الرؤية، أو أنها كناية عن انتظار الرحمة؟ والذي يعين أحد المعنيين هو الشق الثاني من التقابل الثالث، أعني (تظن أن يفعل بها فاقرة) فهو صريح في أن أصحاب الوجوه الباسرة ينتظرون العذاب الكاسر لظهرهم، ويظنون نزوله. وهذا الظن لا ينفك عن الانتظار، فكل ظان لنزول العذاب منتظر، فيكون قرينة على أن أصحاب الوجوه المشرقة ينظرون إلى ربهم، أي يرجون رحمته، وهذا ليس تصرفا في