وذلك مثل خطابه تعالى لنوح (رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) (هود / 45 - 46).
وقوله تعالى لإبراهيم (عليه السلام) حين قال: (رب أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) (البقرة / 260)، والفرق بين خطاب الله لموسى (عليه السلام) وبين خطابه لنوح وإبراهيم (عليه السلام) ظاهر (1).
وقد نقلنا كلام هؤلاء بالتفصيل ليقف القارئ على كيفية تمسكهم بما لا دلالة له على مطلوبهم، والشاهد على ذلك أنا لو عرضنا الآية على أي عربي مخاطب بالقرآن لا ينتقل ذهنه إلى ما يدعون، ويرى أن إثبات الرؤية بها تحميل للنظرية على الآية وليس تفسير لها، وإليك نقاط الضعف في كلماتهم:
أما الرازي، فمن أين يدعي أن الآية في مقام مواساة موسى لئلا يضيق صدره بسبب منع الرؤية؟ لو لم نقل أن الآية وردت على خلاف ما يدعيه، فإنما وردت في مورد الامتنان على موسى وموعظة له أن يكتفي بما اصطفاه الله به من رسالاته، وكلامه، ويشكره ولا يزيد عليه.
هذا هو الظاهر من الآية، ولا وجه لحمل الآية بكونها في صدد المواساة بعدما صدر من موسى في الآية المتقدمة عليها قوله: (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) قال يا موسى أني اصطفيتك