رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٦
حين طلبهم، ولو ذكرهم لما سكت عنه الوحي.
أما الثانية: فهو كذلك، لأنه لو كان قد تقدم سؤال قومه الرؤية وقد شاهد موسى ما شاهد حيث اعتبر عملهم سفهيا فلا يصح في منطق العقل أن يطلب الكليم ذلك لنفسه بعد ذلك مستقلا.
وكل ذلك يؤكد عدم وجود ميقاتين ولا لقائين ولا سؤالين مستقلين، وإنما كان هناك ميقات واحد ولقاء واحد وسؤالان بينهما ترتب وصلة، والدافع إلى السؤال الثاني هو نفس الدافع إلى السؤال الأول، وعندئذ لا يدل سؤال موسى الرؤية على كونها أمرا ممكنا لاندفاعه إلى السؤال من قبل قومه.
وتوضيح ذلك: أن الكليم لما أخبر قومه بأن الله كلمه وقربه وناجاه، قال قومه:
لن نؤمن بك حتى نسمع كلامه كما سمعت، فاختار منهم سبعين رجلا لميقاته وسأله سبحانه أن يكلمه، فلما كلم الله وسمع القوم كلامه قالوا: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) فعند ذلك أخذتهم الصاعقة بظلمهم، وإلى هذه الواقعة تشير الآيات التالية:
1 - (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون) (البقرة / 151).
2 - (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) (البقرة / 55).
3 - (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) (النساء / 153).
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»