تكذبون) (المطففين / 14 - 17).
هذه الآية استدل بها غير واحد من القائلين بالرؤية.
قال الآلوسي: لا يرونه تعالى وهو حاضر ناظر لهم بخلاف المؤمنين، فالحجاب مجاز عن عدم الرؤية، لأن المحجوب لا يرى ما حجب، إذ الحجب: المنع، والكلام على حذف مضاف، أي عن رؤية ربهم الممنوعة، فلا يرونه سبحانه، واحتج بالآية مالك على رؤية المؤمنين له تعالى من جهة دليل الخطاب، وإلا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصيص، وقال الشافعي: لما حجب سبحانه قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا، وقال أنس بن مالك: لما حجب عز وجل أعداءه سبحانه فلم يروه تجلي جل شأنه لأوليائه حتى رأوه عز وجل (1).
ويلاحظ على هذا الكلام: أن الآية بصدد تهديد المجرمين وإنذارهم، وهذا لا يحصل إلا بتحذيرهم وحرمانهم من رحمته، وتعذيبهم في جحيمه، وأما تهديدهم بأنهم سيحرمون عن رؤيته تبارك وتعالى فلا يكون مؤثرا فيمن غلبت على قلبه آثار المعاصي والمآثم فلا يفكر يوما بالله ولا برؤيته، وعلى ذلك، فالمراد أن هؤلاء محجوبون يوم القيامة عن رحمته وإحسانه وكرمه، وبعدما منعوا من الثواب والكرامة يكون مسير هؤلاء إلى الجحيم، ولذلك رتب على خيبتهم وحرمانهم قوله: (إنهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون).