الموت لأنك لا تعرفه، أرأيتك إذا اتسخت وتقذرت، وتأذيت من كثرة القذر والوسخ عليك، وأصابك قروح وجرب، وعلمت أن الغسل في حمام يزيل ذلك كله، أما تريد أن تدخله، فتغسل ذلك عنك أو تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك؟ قال: بلى يا ابن رسول الله، قال (عليه السلام): فذاك الموت هو ذلك الحمام، وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك، وتنقيتك من سيئاتك، فإذا أنت وردت عليه وجاوزته، فقد نجوت من كل غم وهم وأذى، ووصلت إلى كل سرور وفرح)، فسكن الرجل واستسلم ونشط، وغمض عين نفسه، ومضى لسبيله (1).
ضمن هذا الإطار، قيل للإمام الصادق (عليه السلام): صف لنا الموت، قال (عليه السلام):
(للمؤمن كأطيب ريح يشمه، فينعس لطيبه، وينقطع التعب والألم كله عنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد..) (2).
هكذا تقدم العقيدة إشعاعا من الأمن يخفف من وطأة الموت، فإنه للمؤمن تحفة وراحة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (شيئان يكرهما ابن آدم: يكره الموت فالموت راحة للمؤمن من الفتنة، ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب) (3).
والأئمة (عليهم السلام) يؤكدون على الاكثار من ذكر الموت، لما فيه من آثار تربوية قيمة، فهو يميت الشهوات في النفس، ويهون مصائب الدنيا التي تعصف بالإنسان مثل ريح السموم، يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (أكثروا