دعاة الشورى.
ولكن الكاتب يحتج بدخول الامام في الشورى الذي عينها عمر لاختيار أحدهم خليفة واحتجاجه عليه السلام بفضائله ودوره في خدمة الاسلام وعدم إشارته إلى موضوع النص عليه أو تعيينه خليفة من بعد الرسول صلى الله عليه وآله ولو كان حديث الغدير يحمل هذا المعنى لا شار الامام إلى ذلك وحاججهم بما هو أقوى من ذكر الفضائل ص 23.
والجواب عن ذلك واضح، فان الإمام ما كان يمكنه هذا الاحتجاج في شورى عينها عمر إذ يستوجب ذلك القدح في خلافته وخلافة من سبقه وهو وان صرح في مواطن عديدة بأنهما غصبا حقه إلا أنه لا يمكنه الاحتجاج في مثل هذه الشورى بذلك فإنه انما دخلها بعد التنازل عن حقه الأول فلا يمكنه الاستناد إليه وهو انما دخل الشورى لئلا يقال ان انتخاب عثمان انما تم من جهة عدم اشتراك علي عليه السلام في الشورى فلو كان لم يدخل في الشورى لاعترض عليه الناس بذلك فأراد أن يقطع عذرهم ويبطل احتجاجهم ليظهر للناس ان انتخاب عثمان انما كان حسب مكيدة لمبتكر الشورى.
اذن فدخوله في الشورى لا يدل على قبوله لها، مع أن هذه الشورى ليست شورى واقعية فلم يشترك فيها المسلمون بأجمعهم، ولا المهاجرون والأنصار، بل ولا جميع أهل الحل والعقد، مع أن كل ذلك تخصيص بلا مبرر، ثم اختيار هذه المجموعة بما فيهم عبد الرحمن بن عوف مع تمايله إلى صهره عثمان - كما ذكره الإمام علي عليه السلام في الشقشقية - وترجيح المجموعة التي فيها عبد الرحمن بنص الخليفة من دون أي مبرر أو مرجح يكشف لنا المكيدة التي دبرها الخليفة لإزاحة الحق عن أهله، فهذه لم تكن شورى كيف ما تصورناها بل هي مكيدة سياسية، ودخول الامام فيها لا يفيد دعاة هذا النظام.
واحتجاجه بفضائله دون النص أيضا لا يدل على عدم النص لما ذكرناه من انه لا يمكن الاحتجاج به في تلك المجموعة. وانما يصح أن يسأل عن وجه عدم استناد الامام إلى النص يوم السقيفة واحتجاجا على الشيخين، دون يوم الشورى واحتجاجا على مناوئيه ذلك اليوم. والواقع ان الإمام عليه السلام استند إلى النص يوم السقيفة ولكنه خرج عن داره متأخرا، وبعد انتهاز الشيخين واتباعهما فرصة اشتغال الإمام عليه السلام بتجهيز النبي صلى الله عليه وآله، ومع ذلك فقد كان يخرج الإمام عليه السلام من داره ليلا يأخذ أهل بيته ويمر على أبواب الصحابة ويذكرهم بالنصوص التي صرح بها الرسول صلى الله عليه وآله، ولكنهم كانوا يعتذرون بسبق بيعتهم لأبي بكر، كما أن الصحيح الوارد عن طرقنا ان الإمام عليه السلام وأصحابه الذين مر ذكرهم احتجوا على أبي بكر وعمر وحزبهما بالنصوص المذكورة ولكن لم يعيروا لذلك اهتماما واستمروا على نهجهم محتجين بان العرب لا ترضى ان تكون النبوة والخلافة في