دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٨٣
بالجزئيات، هو أن الجزئيات لا تستقر على حالة واحدة، بل هي دائمة التغير والتبدل.
فإذا جعلناها متعلقة لعلم الله سبحانه، لكان لازم ذلك. تغير علمه وتبدله، بتغيرها وتبدلها، إذ تغير المعلوم، يستدعي تغير العلم، ويترتب على هذا، ان الذات الإلهية، على القول باتحاد الصفات الإلهية معها - كما سوف نبين ذلك فيما بعد - عرضة للتغير المستمر بتغير صفة العلم فيها، وهو خلف فرض وجوبها، لأن الواجب ثابت لا يتغير.
نقاش:
والواقع، أن ما فرضه هؤلاء من تغير بتغير المعلوم، غير صحيح في حد ذاته، بل الصحيح هو أن العلم يبقى على حاله لا يتغير أبدا، وذلك لأن العلم لما كان من الصفات الحقيقية ذات الإضافة، كان المتغير هو تلك الإضافة بين العلم والمعلوم بعد تغيره.
فلو قلنا مثلا، زيد يعلم مرض عمرو، ومرض عمرو جزئي، وهو متعلق لعلم زيد، فلو فرضنا أن مرض عمرو قد ارتفع، فغاية ما هناك أن إضافة علم زيد إلى مرض عمرو الجزئي قد انتفت وذلك لانتفاء ما كان يضاف إليه، لا لانتفاء العلم أو تبدل فيه، بل علم زيد باق على حاله كما هو واضح.
وما قلناه في العلم، يجري عينا في غير العلم من الصفات الحقيقية ذات الإضافة، كالقدرة. فلو قلنا مثلا، زيد يقدر على عمرو. ففي حالة انتفاء عمرو، لا تتبدل القدرة عند زيد ولا تتغير، بل هي باقية على حالها. وإنما الذي انتفى وارتفع هو الإضافة الحاصلة بين قدرة زيد وبين متعلقها وهو عمرو لانتفائه. وإذا كان المتغير هو الإضافة فقط بين الصفة الحقيقية وبين
(١٨٣)
مفاتيح البحث: المرض (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»