دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٨٥
ثانيا - وحدة الذات والصفات لقد سبق منا القول بأن المتكلمين قسموا صفات الله إلى قسمين، صفات ذات، وصفات أفعال. وحيث إن صفات الأفعال - وقد يعبر عنها بالصفات الإضافية - هي تلك التي لا تتصف الذات إلا بها من خلال الأفعال الصادرة عنها، فهي إذن على هذا حادثة، لأنها تابعة لما تتعلق به من الأفعال الحادثة، وعليه، يستحيل أن تتحد مع الذات الإلهية، لاستحالة اتحاد الحادث بالقديم، والممكن بالواجب (1).
وبهذا يتضح أنها ليست موردا للخلاف المعروف بين المتكلمين، في أن صفاته تعالى عين ذاته أو انها غيرها وزائدة عليها؟ بل الكل متفقون، على انها غير الذات. ولا يضر ذلك في وحدانيته سبحانه، ولا في واحديته. يقول صدر المتألهين ولا يخل بوحدانيته، كونها - أي الصفات الإضافية أو صفات الافعال - زائدة عليه، فإن الواجب تعالى ليس علوه ومجده بهذه الصفات وإنما علوه بذاته التي تنشأ عنها هذه الصفات (2).
كما أن الصفات السلبية، حيث إنها ترجع في حقيقتها إلى الصفات الثبوتية، فلا داعي للبحث فيها من هذه الناحية.
وعلى ضوء ما ذكرنا يتضح، ان النزاع بين المتكلمين في عينية الذات والصفات، واتحادها معها أو زيادة الصفات على الذات، منحصر في خصوص صفات الذات الثبوتية دون الصفات السلبية أو صفات الافعال.

(١) راجع الملل والنحل للشهرستاني ١ / ٣٦ وما بعدها.
(٢) المبدأ والمعاد لصدر الدين الشيرازي.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»