دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٧٢
وكيف يجمعون بين كونه - كما يعتقدون في السماء - وكونه في الأرض. وكذلك ما يصنعون في قوله تعالى في الآية الأخرى وفي الأرض إله.
والواقع، أنه لا يمكن هنا الجمع، إلا إذا قلنا، بأن الآية واردة لبيان مدى شمول علم الله وحاكميته. ولا إشكال في أن هذه الحاكمية وذلك العلم، شامل للسموات والأرض والكون بأجمعه.
وأما الآية الثانية التي استدل بها هؤلاء وهو القاهر فوق عباده فمن الواضح أن الفوقية فيها، التي تمسكوا بها، ليس المراد بها الفوقية الحسية، بل يراد بها بيان كمال قدرته سبحانه ومثله في اللغة، أمر فلان فوق أمر فلان، أي هو أعلى أمرا، وأنفذ حكما. ويقال: فوقه في العلم أي أعلم منه، وفوقه في الجود. أي أجود منه (1).
بل ورد في القرآن، ما يؤكد هذا الفهم، وذلك في قوله تعالى، حكاية عن فرعون وإنا فوقهم قاهرون (2). ومن الواضح، أن فوقية فرعون لم تكن فوقية حسية، بل كانت فوقية قوة وقدرة وبطش.
الله والعرش والمجسمة:
وإذا كان الله عند المجسمة في السماء، فلا بد له من شئ يجلس عليه، يناسب عظمته وسعة ملكه، فقالوا بأنه يجلس في السماء على عرش يئط (3)

(١) مجمع البيان للطبرسي ٤ / ٣١٣.
(٢) الأعراف ١٢٧.
(3) أي يحدث صوتا من ثقل حمله.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»