دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٨٧
وقول ذهب إليه بعض شيوخ المعتزلة، هو أن صفاته تعالى مغايرة لذاته أطلقوا عليها أنها أحوال، فكون الله عالما عند هؤلاء حال هي صفة وراء كونه ذاتا، وينسب هذا القول إلى أبي هاشم عبد السلام بن أبي محمد بن عبد الوهاب الجبائي (1). وقد ذهب هذا إلى أن هذه الأحوال صفات لا يقول فيها أنها موجودة ولا معدومة ولا أنها قديمة ولا محدثة ولا معلومة ولا مجهولة (2).
ج - اختيار واستدلال:
ونحن نختار ما عليه الإمامية وبعض المعتزلة، من القول بأن صفاته تعالى عين ذاته، متحدة معها مستدلين بحكم العقل، وبما ورد من النقل.
الاستدلال بالعقل:
ويمكن الاستدلال بالعقل على ما اخترناه من جهات:
الأولى: ان هذه الصفات، لو كانت زائدة على الذات، فهي إما قديمة أو حادثة، وكلا الأمرين يستلزم محذورا. وذلك، لأنها لو كانت قديمة لكان معنى ذلك تعدد القدماء بتعدد الصفات. وتعدد القدماء مستحيل، إذ لا قديم إلا الله. وهي لو كانت حادثة للزم قيام الحادث بالقديم، والقديم يستحيل أن يكون محلا للحوادث، إضافة إلى أن الذات تحتاج في إثبات هذه الصفات لها إلى علة، والحاجة فقر ينزه عنه الغني المطلق.

(1) نفس المصدر 82.
(2) الفرق بين الفرق للبغدادي 117.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 194 ... » »»