خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٠٥
واستدل السيوطي في (المزهر) (1) على وقوع المجاز في لغة العرب بقوله: وعمدتنا في ذلك النقل المتواتر عن العرب، لأنهم يقولون: (استوى فلان على متن الطريق) ولا متن لها، و (فلان على جناح السفر) ولا جناح للسفر، و (شابت لمة الليل) و (قامت الحرب على ساق)، وهذه كلها مجازات.
ومنكر المجاز في اللغة جاحد للضرورة، ومبطل محاسن لغة العرب.
أما القائلون بالتأويل فذهبوا إلى أن الآية الكريمة (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر الا أولو الألباب)، تفيد تقسيم آيات القرآن الكريم إلى قسمين: المحكمات والمتشابهات.
وهي (أعني الآية المذكورة) من المحكمات.
وليس فيها ما ينص أو يظهر منه المنع من تأويل المتشابه على نحو الاطلاق الذي يشمل من كان في قلبه زيغ ومن ليس في قلبه زيغ.
نعم، هي تمنع من تأويل المتشابه لمن كان في قلبه زيغ لأنه يقصد من تأويله على طريقته - أي من غير الرجوع به إلى المحكم - إثارة الفتنة وإثارة تأويله للتأويل وبغية الجدل.
أما تأويله للفهم والافهام لا منع فيها له.
وعليه فتأويل المتشابه جائز.
ولكن يجب أن يكون بارجاعه إلى المحكم، ويدل على هذا ما ورد في (عيون أخبار الرضا) من قوله (ع): (من رد متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم).

(1) 1 / 364.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»