إبطالا لقول اليهود: ان يده مغلولة، لأنهم أرادوا أنه بخيل يقتر الأرزاق على خلقه، ويبين ذلك قوله تعالى: (لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا)، أراد أن انفق قصدا، لا إسرافا ولا إقتارا.
وتأويل قوله تعالى: (تجري بأعيننا) - القمر 14 - انها تجري ونحن بحالها عالمون، فكنى بالأعين عن علمه بأحوالها، كما يقال: (هذا بمرأى من فلان ومسمع)، ويقال: (لفلان عين) إذا تجسس الخبر ليعرف، ويقال:
(لا تفعل ذلك الا بعيني) أي بعلمي. إلى غير ذلك. وحمله على ظاهره يمتنع لأنه يوجب أن لله عيونا كثيرة، لا عينين - كما يزعمون.
ويقال لهم:
إن جازت الأعضاء على الله تعالى، على ما تعلقتم به، فيجب ان يكون بمنزلة الواحد منا، وأن يكون ذكرا أو أنثى، وأن يكون محتاجا، تعالى عن ذلك علوا كبيرا (1).
وبعد فان عمدة ما دار حوله الخلاف وجرى فيه النزاع هو الاستواء على العرش واننا في ضوء ما تقدم لنستطيع أن نفسر الفعل (استوى) بالاستقرار، وذلك لما يأتي:
1 - ان اقتران الفعل (استوى) من قوله (استوى على العرش) في آية سورة يونس 3 وفي آية سورة الرعد 2 بقوله (يدبر الأمر) دليل على أن الاستواء هنا بمعنى (الاستيلاء) و (السلطة) لأنه المناسب لتدبير الأمر، والقرآن يفسر بعضه بعضا، وتقرن آية الأخرى.
2 - كما أن تفسير (استوى) في آية سورة البقرة 29 (ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات) ب عمد وقصد إلى السماء ليسويها سبع سماوات) - كما هو