خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ١٩٦
اننا لا بد لنا بعد هذا من القول بان الصفات عين الذات، لئلا نقع فيما يتنافى وأصل التوحيد.
ونعني بعينية الصفة نفي الاثنينية بمعنى أنه لا يوجد في عالم الماصدق موصوف وصفة، وانما الموجود ذاته فقط.
كما نعني بها نفي الغيرية بمعنى أن الصفة ليست غير الموصوف لأن الغيرية تستلزم الاثنينية، تعالى الله عن ذلك وتقدس.
والمعنى المذكور مستفاد من قول الإمام أمير المؤمنين (ع):
أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة انها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف انه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله.
وعن محمد بن عرفة قال: قلت للرضا (ع): خلق الله الأشياء بالقدرة أم بغير القدرة؟
فقال: لا يجوز ان يكون خلق الأشياء بالقدرة، لأنك إذا قلت:
خلق الأشياء بالقدرة، فكأنك قد جعلت القدرة شيئا غيره، وجعلتها آلة له بها خلق الأشياء، وهذا شرك.
وإذا قلت:
خلق الأشياء بقدرة، فإنما تصفه أنه جعلها باقتدار عليها وقدرة.
ولكن ليس هو بضعيف ولا عاجز ولا محتاج إلى غيره، بل هو قادر بذاته لا بالقدرة (1).
وعلق عليه الشيخ الصدوق بقوله: إذا قلنا: ان الله لم يزل قادرا، فإنما نريد بذلك نفي العجز عنه، ولا نريد اثبات شئ معه، لأنه عز وجل لم يزل واحدا لا شئ معه (2).

(1) توحيد الصدوق 130.
(2) م. ن.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 199 201 202 203 ... » »»