خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٠٦
يقول السيد الطباطبائي: المراد بالمتشابه كون الآية بحيث لا يتعين مرادها لفهم السامع بمجرد استماعها بل يتردد بين معنى ومعنى حتى يرجع إلى محكمات الكتاب فتعين هي معناها وتبينها بيانا فتصير الآية المتشابهة عند ذلك محكمة بواسطة الآية المحكمة، والآية المحكمة محكمة بنفسها.
كما في قوله (الرحمن على العرش استوى) - طه 5 - يشتبه المراد منه على السامع أول ما يسمعه، فإذا رجع إلى مثل قوله تعالى (ليس كمثله شئ) - الشورى 11 - استقر الذهن على أن المراد به التسلط على الملك والإحاطة على الخلق، دون التمكن والاعتماد على المكان المستلزم للتجسيم المستحيل على الله سبحانه (1).
هذا مضافا إلى ما استدلوا به من بطلان التشبيه، قال الصدوق:
الدليل على أن الله سبحانه لا يشبه شيئا من خلقه من جهة من الجهات انه لا جهة لشئ من افعاله الا محدثة، ولا جهة محدثة الا وهي تدل على حدوث من هي له، فلو كان الله جل ثناؤه يشبه شيئا منها لدلت على حدوثه من حيث دلت على حدوث من هي له إذ المتماثلان في العقول يقتضيان حكما واحدا من حيث الجهة التي تماثلا منها، وقد قام الدليل على أن الله عز وجل قديم ومحال أن يكون قديما من جهة وحادثا من جهة أخرى (2).
ومن هنا نجدهم يتأولون كل ما ورد من المتشابه مما ظاهره التجسيم. ومن أمثلة هذا: تأويلات القاضي المعتزلي، قال:
مسألة:
فان قال: فقد قال الله تعالى ما يدل على أنه جسم، فقال:
(الرحمن على العرش استوى) - طه 5 -.
(وهو الله في السماوات وفي الأرض) - الأنعام 3 -.
و (إليه يصعد الكلم الطيب) - فاطر 10 -.
(وقال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) - ص 75 -.

(1) الميزان 3 / 21.
(2) التوحيد 80 - 81.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»