خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٠٤
وهؤلاء يرون البحث عن الحقائق الدينية والتطلع إلى ما وراء ظواهر الكتاب والسنة بدعة.
والعقل يخطئهم في ذلك، والكتاب والسنة لا يصدقانهم، فآيات الكتاب تحرض كل التحريض على التدبر في آيات الله، وبذل الجهد في تكميل معرفة الله ومعرفة آياته بالتذكر والتفكر والنظر فيها، والاحتجاج بالحجج العقلية، ومتفرقات السنة المتواترة معنى توافقها، ولا معنى للأمر بالمقدمة والنهي عن النتيجة.
وهؤلاء هم الذين كانوا يحرمون البحث عن حقائق الكتاب والسنة حتى البحث الكلامي الذي بناؤه على تسليم الظواهر الدينية ووضعها على ما تفيده بحسب الفهم العامي ثم الدفاع عنها بما تيسر من المقدمات المشهورة والمسلمة عند أهل الدين - ويعدونها بدعة (1 ويبرر القائلون بالحمل على الظاهر، لزوم الحمل على الظاهر بعدم وجود مجاز في كلام العرب أو في القرآن والسنة على الأقل.
وشبهتهم كما يقول السيوطي -:
1 - ان المجاز أخو الكذب، والقرآن منزه عنه.
2 - وان المتكلم لا يعدل اليه الا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وذلك محال على الله تعالى (2).
ثم يردهم (أعني السيوطي) بقوله:
وهذه شبهة باطلة، إذ لو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن، فقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة. ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتشبيه القصص وغيرها (3).

(1) الميزان 8 / 153.
(2) الاتقان 2 / 36.
(3) م. ن.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 199 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»