خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ١٦٨
(من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء).
وفيه آيات ربما تشعر بالاختيار:
(فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
(لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم).
ولكن إذا تتبعنا الأحاديث، وتتبعنا منزع كبار الصحابة، رأينا أن الاتجاه كان ينحو نحو الاعتقاد بأنه لا تطرف في العالم طرفة عين ولا تهب فيه نسمة هواء ولا يحدث فيه حادث صغر أو كبر الا بإرادة وتقدير من الله سبحانه وتعالى.
ولقد ملأت فكرة الألوهية قلوبهم وسيطرت على نفوسهم، فاستسلموا لله خاضعين مؤمنين بان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (1).
ثم قال:
هذا الموقف هو موقف الاستسلام لله.
وإذا أردنا الدقة قلنا: إنه ليس موقف الجبر، وليس موقف الاختيار، وليس موقف الكسب، إنه موقف الاستسلام لله.
ويتمثل هذا الموقف فيما يروى عن علي - رضي الله عنه - قال: كنا في جنازة ببقيع الغرقد، فأتى رسول الله (ص) فقعد وقعدنا حوله، وبيده مخصرة، فجعل ينكث بها الأرض، ثم قال: ما منكم من أحد الا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا؟
فقال:
اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاء فسيصير إلى عمل الشقاء.
ثم قرأ:
(فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى).
وإذا أنعمنا

(١) ص ١٢٢ - 123.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»