وجودها وحدوثها.
كما أنه تعالى لم يترك الانسان بحيث لا تدخل له في فعله حتى بإرادة التشريع، فتكون أفعاله بخيرها وشرها لا علاقة لها بالله اطلاقا.
وببيان آخر :
ان أفعال الانسان غير الإرادية كنشأته ونموه وسيره في مختلف مراحل تكوينه، ووجوده من مني يمنى ثم تطوراته جنينا فرضيعا فناشئا فيافعا فشابا فكهلا فشيخا، إلى أن يموت، وما بعد الموت، خاضعة لإرادة الله التكوينية وأمره التكويني (كن فيكون).
وأفعاله الإرادية على اختلاف انماطها السلوكية خاضعة لإرادة الله التشريعية وأوامره ونواهيه الشرعية.
والفرق بين الإرادتين في التأثير وتحقق الفعل:
ان الإرادة التكوينية علة تامة لوقوع الفعل، فعند تعلقها بالفعل مع توافر شروط التأثير والايجاد لا يتخلف الفعل عن الوقوع والحدوث بحال من الأحوال.
أما الإرادة التشريعية فليست علة تامة لوقوع الفعل، وانما هي جزء من اجزاء العلة لوقوع الفعل، وليست هي الجزء الأخير الذي به تتم العلة فيصدر عنها الفعل، وانما الجزء الأخير الذي تتم به العلة فيصدر عنه الفعل هو إرادة الانسان، فان أراد الانسان الفعل تمت العلة ووقع الفعل، وان لم يرده لا يقع.
وبتعبير آخر:
ان الله أراد وقوع الفعل المأمور به شرعا وأراد عدم وقوع الفعل المنهي عنه شرعا، لكن ارادته تعالى هنا إرادة شرعية لا كونية، وترك تمامية العلة لاختيار الانسان.
وذلك ليصح التكليف ويحسن الحساب وما يترتب عليه من ثواب أو عقاب.
ومن هنا سميته ب (الاختيار) للزوم وجود عنصر الاختيار في تحقق الفعل الإرادي من الانسان.