حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٤٩
الحاج ثم إردافه بعلي ليأخذ منه براءة، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أمرت أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني ".. وقف السيد الطباطبائي موقفا يمثل قمة الاتزان والموضوعية، فتناول المعاني القرآنية للآيات، ثم انتقل إلى البحث الروائي فاستعرض روايات الفريقين في هذا الموضوع، يقابل بينها وينقدها نقد العالم المتجرد من أي ميل، ثم يسجل ملاحظته القيمة فيقول:
" والباحث الناقد إذا راجع هذه الآيات والروايات ثم تأمل ما جرت من المشاجرات الكلامية بين الفريقين - أهل السنة والشيعة - في باب الأفضلية، لم يرتب في أنهم خلطوا بين البحث التفسيري الذي شأنه تحصيل مداليل الآيات القرآنية، والبحث الروائي الذي شأنه نقد معاني الأحاديث وتمييز غثها من سمينها، وبين البحث الكلامي الناظر في أن أبا بكر أفضل من علي أو عليا أفضل من أبي بكر! وفي أن إمارة الحاج أفضل، أو الرسالة في تبليغ سورة براءة! ولمن كانت إمارة الحاج إذ ذاك: لأبي بكر، أو لعلي؟
قال: أما البحث الكلامي فلا نشتغل به في هذا المقام، فهو خارج عن غرضنا " (1) ثم أخذ على بعض المفسرين لهجاتهم المشدودة المتوترة، وقادهم بكل حكمة وهدوء إلى مواضع خلطوا فيها بين أكثر من مفهوم، أو وقفوا فيها على مجموعة من الروايات المختلفة في متونها اختلافا كثيرا لا يكون فيها القول الذي اعتمدوه قاسما مشتركا (2).
2 - وفي موضع آخر من نفس السورة زج فيه المتكلمون آراءهم التي

(1) الميزان 9: 173 - 174.
(2) الميزان 9: 178 - 185.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»