حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٦٠
بحكم الطائفة الواحدة لأن التوراة تعترف بعيسى والإنجيل يعترف بموسى، فبالأولى أن تكون السنة والشيعة طائفة واحدة حقيقة وواقعا، لأن كتابهم واحد، وهو القرآن، لا قرآنان.. ونبيهم واحد، وهو محمد، لا محمدان.. فكيف إذن كفر بعض الفريقين إخوانهم في الدين؟!
لو نظرنا إلى هذه الآية بالمعنى الذي بيناه واتفق عليه جميع المفسرين، ثم قسنا من يرمي بالكفر أخاه المسلم، لكان أسوأ حالا ألف مرة من اليهود والنصارى!!
لقد كفر اليهود النصارى، وكفر النصارى اليهود، وهم يتلون الكتاب، أي التوراة والإنجيل، فكيف بالمسلم يكفر أخاه المسلم، وهو يتلو القرآن؟! فليتق الله الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب، وقلوبهم عمي عن معانيه ومراميه (1).
وفي تفسير الآية نفسها نقل الشيخ محمد جمال الدين القاسمي (ت 1914 م) في تفسيره (محاسن التأويل) تعليقة الرازي هنا:
قال الرازي: واعلم أن هذه الواقعة بعينها قد وقعت في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإن كل طائفة تكفر الأخرى مع اتفاقهم على تلاوة القرآن.
ثم عقب القاسمي قائلا: فها هنا تسكب العبرات بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر، لا بسنة ولا بقرآن، ولا لبيان من الله ولا لبرهان، بل لما غلت مراجل العصبية في الدين تمكن الشيطان من تفريق كلمة المسلمين..
يأبى الفتى إلا اتباع الهوى * ومنهج الحق له واضح مع أن الله تعالى أمر بالجماعة والائتلاف، ونهى عن الفرقة والاختلاف،

(1) الكاشف 1: 180.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»