أمره وقضاؤه (1). وقد عد أبو الفرج ابن الجوزي هذا التأويل هو مذهب السلف (2).
3 - والمهم في هذا الموضوع مسألتان نشير إليهما بإيجاز:
المسألة الأولى: إن الاختلاف في الفهم وفي التفسير ضمن الحدود التي تستوعبها اللغة العربية ويتحملها النص القرآني أمر لا غرابة فيه، ولا يستنكره الدين، ولا تأباه العقول، بل يمكن أن يقال إنه أمر لا بد من وقوعه، كما أن وقوعه خير من عدم وقوعه، لأن فيه من التوسعة والتيسير ما لا يخفى، ولأنه وليد طبيعي لحرية التفكير ولحياة الأمة.
ولكن الذي يستنكره الدين بلا ريب أن تصبح هذه الاختلافات المباحة والطبيعية محاور للنزاع والصراع الطائفي، فإذا بتلك الرحمة تنقلب نقمة، وذاك اليسر عسرا، وتلك السعة ضيقا!!
وإذا بالحياة صورة من صور الموت!!
والواقع الذي ينبغي أن ينقد بكل دقة وحياد وموضوعية، أن هذه الصورة المستنكرة هي التي وقع عليها اختيار الأمة، فغلبت على مصادر ثقافتنا في التفسير وغيره، حتى أصبحت النتيجة الوحيدة التي يخرج بها الدارس لهذا الواقع هي أنه حتى هذا النوع من الاختلاف في الفهم المستفاد من اللغة كما يبدو في ظاهره إنما هو في الأصل خلاف مذهبي!
فقد كان في الأصل مواقف مسبقة إزاء المفاهيم، وهذه المواقف هي التي تحكمت في طبيعة الاستفادة من اللغة وحدودها، كما أشرنا إلى ذلك:
- فالذي يذهب إلى التشبيه، يصر على إجراء معاني الألفاظ على ما يفهم من ظاهرها..