حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٤٠
والثاني خاصة لا يكاد يوجد لها أثر في التفاسير المعتبرة، كالتبيان، ومجمع البيان، وآلاء الرحمن، والميزان، والكاشف. وإنما هي من بلايا التفاسير الروائية.
3 - هناك محاولات علمية قيمة قام بها بعض المفسرين، فناظر في تفسيره بين الروايات المنقولة عن مصادر الفريقين، وحاكم بينها مستعينا بالنص القرآني والسياق والأصول لينتخب الأنسب منها، فربما اتفقت عنده روايات الفريقين فأقرها جميعا. وربما ردها جميعا، وربما رجح رواية أحد الفريقين وفق القواعد المذكورة بعيدا عن التحيز والهوى والعصبية المذهبية.
وهذا المنهج منهج حق، جدير أن يقتدى به.
وفي حدود مطالعتي لم أجد أحدا يتقدم في هذا المنهج على الشيخ البلاغي في تفسيره (آلاء الرحمن).
ثم هو منهج تقريبي ممتاز، جاء البعد التقريبي فيه تابعا للبعد العلمي التحقيقي السليم، وهذا هو التقريب الحقيقي.
وهو منهج متقدم على ما سلكه الشيخان الطوسي والطبرسي في تفسيريهما حيث حاولا إيراد المهم والمعتمد مما قاله أصحاب المذاهب المختلفة في تفسير كل آية، مع ما في هذا الذي سلكه الشيخان من اعتداد ظاهر بآراء المذاهب على اختلافها، أو على الأقل فهو منهج ينطوي على تقدير لتلك الآراء، فلا إنكار ولا تهجم، ولا ازدراء ولا تناسي!
وفي هذا من الأثر التقريبي ما لا يخفى.
4 - ثمة ملاحظة هامة أثيرها، ولا أمتلك جوابا عنها، الآن على الأقل، وهي:
إن أصحاب التفسير الذين نقلوا تفاسير السلف قد تسالموا على أن أكثر
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 43 44 45 46 ... » »»