حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٥٧
القرآني أولا. ثم بدلا من أن يستغرق في البحوث الفقهية والكلامية أخذ يستغرق في البحوث العلمية الحديثة، كشواهد على الآيات مرة، ونماذج من النعم والآلاء مرة أخرى، ولقد رأى أن هذا المنهج هو الذي يجب أن يميز تفاسيرنا العصرية عن تفاسير المتقدمين، فيقول مثلا متسائلا: كيف ساغ للمسلمين أن يناموا بعد الأولين السابقين من الأئمة الأعلام؟ لقد ظنوا أن الأئمة رضوان الله عليهم ما تركوا قولا لقائل في جميع العلوم، لكن فاتهم أن الأئمة اعتنوا أشد العناية بما هو أمس بالعبادة، اتكالا منهم على عقول الأمة في الباقي..
وإذا كنا نرى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول: إن الترتيب واجب في الوضوء، مستنتجا ذلك من ترتيب الأعضاء في القرآن، ويوجب النية مستنتجا ذلك من آية في آخر القرآن " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين ".. ونرى أبو حنيفة يقول: لا نية للوضوء، لأنها لم تذكر في القرآن.. ونرى أنهم اختلفوا في اثنتي عشرة مسألة في فرائض الوضوء، فالنظر كيف كان جدهم واجتهادهم وحرصهم على الدين وعلى ارتقاء الإنسان في أموره الدينية.. فهلا نظر المتأخرون في ما أودعه الله في القرآن وحققوا كما حقق آباؤنا وأجدادنا؟
حرضت السنة على قتل كل حيوان يؤذينا، فليبحث علماء الأمة في المكروبات القاتلة لنا قياسا على ما علم من الكلب العقور والفأرة.. ولو أننا وجدنا كلبا يعقر الناس لوجب علينا قتله، هكذا يجب علينا أن نبحث في الكلاب المستترة تحت أجسامنا، وهي المكروبات والحيوانات الذرية الصغيرة، ولنخصص لها الأطباء (1).
إنه يؤكد على أن تفسيره قد اتحدت فيه مطالب الدين والدنيا والعقل

(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»