وأمر أصحابه وقال لهم: واروا قتلانا في ثيابهم التي قتلوا فيها، فإنهم يحشرون على الشهادة، وإني لشاهد لهم بالوفاء.
فجاء ابن عباس يطلب الأمان لمروان بن الحكم، فأمره الإمام بإحضاره، فلما حضر قال له الإمام: " أتبايع؟ " فقال:
نعم وفي النفس ما فيها.
فقال الإمام: " الله أعلم بما في القلوب ". فلما بسط يده ليبايعه أخذ كفه من كف مروان وجذبها، وقال: " لا حاجة لي فيها، إنها كف يهودية، لو بايعني بيده عشرين مرة لنكث باسته ".
ثم قال: " هيه يا بن الحكم، خفت على رأسك أن تقع في هذه المعمعة؟! كلا والله، حتى يخرج من صلبك فلان وفلان يسومون هذه الأمة خسفا ويسقونهم كأسا مصبرة، ومن المناسب هنا أن أنقل نص كلام ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة (ج 1، ص 22 و 23)، قال:
وأما الحلم والصفح، فكان أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسئ، وقد ظهر صحة ما قلناه يوم الجمل، حيث ظفر بمروان بن الحكم - وكان أعدى الناس له، وأشدهم بغضا -