ينمو ويسري في جميع الأمة الإسلامية سريان البرء جسد العليل خفيا وظاهرا، ومستورا وبارزا.
ثم تلاه شهادة الحسين عليه السلام وما جرى عليه يوم الطف مما أوجب انكسار القلوب والجروح الدامية له في النفوس، وهو ابن رسول الله وريحانته، وبقايا الصحابة كزيد بن أرقم، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وسهل بن سعد الساعدي ، وأنس بن مالك الذين شاهدوا حفاوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به وبأخيه، وكيف كان يحملهما ويقول: نعم المطية مطيتكما، ونعم الراكبان أنتما، وأنهما سيدا شباب أهل الجنة. وكثير من أمثال ذلك. لم يزالوا بين ظهراني الأمة يبثون تلك الأحاديث، وينشرون تلك الفضائل، وبنو أمية يلغون في دمائهم ويتعقبونهم قتلا وسما وأسرا.
كل ذلك كان - بطبيعة الحال - مما يزيد التشيع شيوعا وانتشارا، ويجعل لعلي وأولاده عليهم السلام المكانة العظمى في النفوس، وغرس المحبة في القلوب، والمظلومية - كما يعلم كل أحد - لها أعظم المدخلية.
فكان بنو أمية كلما ظلموا واستبدوا واستأثروا وتقاتلوا على الملك كان ذلك كخدمة منهم لأهل البيت، وترويجا لأمرهم، وعطفا للقلوب عليهم، وكلما شددوا بالضغط على شيعتهم ومواليهم، وأعلنوا على منابرهم سب علي عليه السلام وكتمان فضائله، وتحويرها إلى مثالب انعكس الأمر وصار (رد فعل) عليهم.
أما سمعت ما يقول الشعبي لولده: يا بني! ما بنى الدين شيئا إلا وهدمته الدنيا، وما بنت الدنيا شيئا إلا وهدمه الدين، انظر إلى علي وأولاده عليهم السلام فإن بني أمية لم يزالوا يجهدون في كتم فضائلهم وإخفاء أمرهم، وكأنما يأخذون بضبعهم إلى السماء، وما زالوا يبذلون مساعيهم في نشر