تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٢
النظام الاجتماعي، وتدبير العائلة، وطهارة الأنساب وأمثال ذلك. لا جرم أنهم يطلبون تلك الشرائع والأحكام أشد الطلب، ولكن لم يجدوها عند أولئك المتخلفين، والمتسمي كل واحد منهم بأمير المؤمنين وخليفة المسلمين!
نعم! وجدوا أكمله وأصحه وأوفاه عند أهل بيته، فدنوا لهم واعتقدوا بإمامتهم، وأنهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حقا، وسدنة شريعته، ومبلغوا أحكامه إلى أمته، وكانت هذه العقيدة الإيمانية والعاطفة الإلهية كشعلة نار في نفوس بعض الشيعة تدفعهم إلى ركوب الأخطار، وإلقاء أنفسهم على المشانق، وتقديم أعناقهم أضاحي للحق، وقرابين للدين.
أعطف بنظرك في هذا المقام إلى حجر بن عدي الكندي، وعمر بن الحمق الخزاعي ، ورشيد الهجري، وميثم التمار، وعبد الله بن عفيف الأزدي... إلى عشرات المئات من أمثالهم.
أنظر كيف نطحوا صخرة الضلال والجور وما كسرت رؤوسهم حتى كسروها وفضخوها وأعلنوا للملأ بمخازيها؟!
فهل تلك الإقدامات والتضحية من أولئك الليوث كانت لطمع مال أو جاه عند أهل البيت عليهم السلام، أو خوفا منهم وهم يومئذ الخائفون المشردون؟! كلا!
بل عقيدة حق، وغريزة إيمان، وصخرة يقين.
ثم أنظر إلى فطاحل الشعراء في القرن الأول والثاني مع شدة أطماعهم عند ملوك زمانهم وخوفهم منهم، ومع ذلك كله لم يمنعهم عظيم الطمع والخوف - والشاعر مادي على الغالب، والسلطة من خلفهم والسيوف مشهورة على رؤوسهم - أن جاهروا بالحق ونصروه، وجاهدوا الباطل وفضحوه. خذ من الفرزدق، إلى الكميت، إلى السيد الحميري، إلى دعبل،
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»