تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٣٨١
آلاف شيخ من أهل الورع والدين كل يقول: حدثني جعفر ابن محمد.
ولا نطيل بذكر الشواهد على هذا فنخرج عن الغرض، مع أن الأمر أجلى من ضاحية الصيف.
ولا يرتاب متدبر أن اشتغال بني أمية وبني العباس في تقوية سلطانهم، ومحاربة أضدادهم، وانهماكهم في نعيم الدنيا، وتجاهرهم بالملاهي والمطربات، وانقطاع بني علي عليه السلام إلى العلم والعبادة، والورع والتجافي وشهواتها، وعدم تدخلهم في شأن من شؤون السياسة، وهل السياسة إلا الكذب والمكر والخداع؟
كل ذلك هو الذي أوجب انتشار مذهب التشيع، وإقبال الجم الغفير عليه.
ومن الواضح الضروري أن الناس، وإن تمكن حب الدنيا والطموح إلى المال في نفوسهم وتملك على أهوائهم، ولكن مع ذلك فإن للعلم والدين في نفوسهم المكان المكين والمنزلة السامية، لا سيما وعهد النبوة قريب، وصدر الإسلام رحيب لا يمنع عن طلب الدنيا من طرقها المشروعة، لا سيما وهم يجدون عيانا أن دين الإسلام هو الذي در عليهم بضروع الخيرات، وصب عليهم شآبيب البركات، وأذل لهم ملك الأكاسرة والقياصرة، ووضع في أيديهم مفاتيح خزائن الشرق والغرب.
وبعض هذا - فضلا عن كله - لم تكن العرب لتحلم به في المنام، فضلا عن أن تأتي بتحقيقه الأيام، وكل هذا مما يبعث لهم أشد الرغبات في الدين وتعلم أحكامه ، والسير - ولو في الجملة - على مناهجه ولو في
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»