نواميس الزهد والورع وخشونة العيش، وعدم المخادعة والمداهنة في شئ من أقواله وأفعاله، وأطوار معاوية كلها على الضد من ذلك تماما.
وقضية إعطائه مصر لابن العاص على الغدر والخيانة مشهورة، وقهر الأمة على بيعة يزيد، واستلحاق زياد أشهر وتوسعه بالموائد وألوان المطاعم الأنيقة معلوم، وكل ذلك من أموال الأمة وفي المسلمين الذي كان يصرفه الخليفتان في الكراع والسلاح والجند.
ويحدثنا الوزير أبو سعيد منصور بن الحسين الآبي المتوفى سنة (422) في كتابه (نثر الدرر) ما نصه:
قال أحنف بن قيس: دخلت على معاوية فقدم لي من الحار والبارد والحلو والحامض ما كثر تعجبي منه! قدم لونا لم أعرف ما هو، فقلت: ما هذا؟
فقال: هذا مصارين البط محشوة بالمخ قد قلي بدهن الفستق، وذر عليه بالطبرزد!
فبكيت، فقال: ما يبكيك؟
قلت: ذكرت عليا، بينا أنا عنده وحضر وقت الطعام وإفطاره - وسألني المقام فجئ له بجراب مختوم، قلت: ما في الجراب؟
قال: سويق شعير.
قلت: خفت عليه أن يؤخذ أو بخلت به؟
فقال: لا! ولا أحدهما، ولكن خفت أن يلته الحسن والحسين بسمن أو زيت .
فقلت: محرم هو يا أمير المؤمنين؟
فقال: لا! ولكن يجب على أئمة الحق أن يعدوا أنفسهم من ضعفة