تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٠
تا الله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتته بنو أبيه بمثله * هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما ضع في قبال ذلك سيرة بني علي عليه السلام وانسبها إلى سيرة المروانيين والعباسيين ، هناك تتجلى لك الحقيقة في أسباب انتشار التشيع، وتعرف سخافة المهوسين أنها نزعة فارسية أو سبأية أو غير ذلك، هناك تعرف أنها إسلامية محمدية لا غير.
أنظر في تلك العصور إلى بني علي عليه السلام وفي أي شأن كانوا، انظرهم على رأسهم الإمام زين العابدين عليه السلام، فإنه بعد شهادة أبيه انقطع عن الدنيا وأهلها، وتخلص للعبادة، وتربية الأخلاق، وتهذيب النفس، والزهد في حطام الدنيا، وهو الذي فتح هذا الطريق لجماعة من التابعين: كالحسن البصري، وطاووس اليماني، وابن سيرين، وعمرو بن عبيد، ونظائرهم من الزهاد والعرفاء ، بعد أن أوشك الناس أن تزول معرفة الحق من قلوبهم، ولا يبقى لذكر الله أثر إلا بأفواههم. ثم انتهى الأمر إلى ولده محمد الباقر عليه السلام وحفيده جعفر الصادق عليه السلام، فشادوا ذلك البناء.
وجاءت الفترة بين دولتي بنيه أمية وبني العباس، فاتسع المجال للصادق عليه السلام ، وارتفع كابوس الظلم وحجاب التقية، فتوسع في بث الأحكام الإلهية، ونشر الأحاديث النبوية التي استقاها من عين صافية، من أبيه، عن جده أمير المؤمنين، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وظهرت الشيعة ذلك العصر ظهورا لم يسبق له فيما غبر من أيام آبائه، وتولعوا في تحمل الحديث، وبلغوا من الكثرة ما يفوت حد الإحصاء حتى أن أبا الحسن الوشاء قال لبعض أهل الكوفة: أدركت في هذا الجامع - يعني مسجد الكوفة - أربعة
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»