تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٧
الناس، لئلا يطغى الفقير فقره.
فقال معاوية: ذكرت من لا ينكر فضله.
وتجد في ربيع الأبرار للزمخشري ونظائره لهذه النادرة نظائر كثيرة.
هذا كله والناس قريبو عهد بالنبي والخلفاء، وما كانوا عليه من التجافي عن زخارف الدنيا وشهواتها. ثم انتهى الأمر به إلى أن دس السم إلى الحسن عليه السلام فقتله بعد أن نقض كل عهد وشرط عاهد الله عليه له. ثم أخذ البيعة لولده يزيد قهرا وحاله معلوم عند الأمة يومئذ أكثر مما هو معلوم عندنا اليوم.
فمن هذا وأضعاف أمثاله استمكن البغض له والكراهة في قلوب المسلمين، وعرفوا أنه رجل دنيا لا علاقة له بالدين. وما أصدق ما قال عن نفسه فيما حدثنا الزمخشري في ربيعه!
قال: قال معاوية: أما أبو بكر فقد سلم من الدنيا وسلمت منه، وأما عمر فقد عالجها وعالجته، وأما عثمان فقد نال منها ونالت منه، وأما أنا فقد ضجعتها ظهرا لبطن، وانقطعت إليها وانقطعت إلي!
ومن ذلك اليوم - أعني يوم خلافة معاوية ويزيد - انفصلت السلطة المدنية عن الدينية، وكانت مجتمعة في الخلفاء الأولين، فكان الخليفة يقبض على إحداهما باليمين وعلى الأخرى بالشمال، ولكن من عهد معاوية عرفوا أنه ليس من الدين على شئ. وأن الدين له أئمة ومراجع هم أهله وأحق به، ولم يجدوا من توفرت فيه شروط الإمامة - من: العلم، والزهد، والشجاعة، وشرف الحسب والنسب غير علي وولده عليهم السلام.
ضم إلى ذلك ما يرويه الصحابة للناس من كلمات النبي في حقهم والإيعاز إلى أحقيتهم، فلم يزل التشيع لعلي عليه السلام وأولاده - بهذا وأمثاله
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»