ولا أعجب من جهله بموقف مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وأنه كيف كان قيد الأمر ورهن الإشارة من مخلفه النبي الأعظم، فإنه لم تتح له الحيطة بمكانته وفواضله ومجاري علمه وعمله، فإن النصب المردي قد أعشى بصره، ورماه عن الحق في مرمى سحيق. وإنما كل عجبي من جهله بما أخرجه الحفاظ والأئمة في ذلك!
ولكنه من قوم لهم أعين لا يبصرون بها.
ونحن نعلم ما يوسوس به صدره، غاية الرجل من هذا الحكم البات تغرير الأمة والتمويه على الحقيقة، وجعل تلك الحروب الدامية نتيجة رأي واجتهاد من الطرفين، حتى يسع له القول بالتساوي بين أمير المؤمنين عليه السلام ومقاتليه في الرأي والاجتهاد، وأن كلا منهما مجتهد وله رأيه مصيبا كان أو مخطئا، غير أن للمصيب أجرين وللمخطي أجر واحد، ذاهلا عن أن المنقب لا يخفى عليه هذا التدجيل، ويد التحقيق توقظ نائمة الأثكل، وقلم الحق لا يترك الأمة سدى، وينبئهم عن أن اجتهاد القوم (إن صحت الأحلام) اجتهاد في مقابلة النص النبوي الأغر.
وليت شعري! كيف يخفى الأمر على أي أحد؟ أو كيف يسع أن يتجاهل أي أحد وبين يدي الملأ العلمي قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزوجاته:
أيتكن صاحبة الجمل الأدبب - وهو كثير الشعر - تخرج فينبحها كلاب الحوأب ، يقتل حولها قتلى كثير، وتنجو بعد ما كادت تقتل (1)