الأصل فيه، يقول ابن أبي الحديد: الكذب في أحاديث الفضائل جاء من جهة الشيعة.
أقول: إن المطامع الدنيوية من المال والجاه الباعثة على جعل أحاديث الفضائل، إنما هي في جعل الأحاديث للخلفاء، فإن البلاد الإسلامية كانت تحت حكومتهم وسلطنتهم، والأموال تجتمع من سائر بلاد المسلمين إليهم. ومن الواضح أن الخلفاء الذين تصدوا للحكومة والسلطنة بعنوان خلافة رسول الله، لهم بأشد الحاجة إلى تحكيم أساس رئاستهم المبتدئة من حين وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالدواعي إلى جعل أحاديث الفضائل إنما هي افتعال الفضائل لأولئك الخلفاء ورفع شأنهم.
وأما علي عليه السلام فقد كان منزويا عن الخلافة إلا السنوات الأربع، أيام خلافته التي كان فيها شديد المنع من إعطاء المال والمنصب، حتى حاربه بعض الصحابة وساقوا الجيش لمقاتلته لعدم حصول بغيتهم عنده.
وكان عليه السلام من شدة اهتمامه في حفظ بيت المال من مطامع الناس أنه لما سأله أخوه عقيل أن يعطيه شيئا زائدا على حقه لأجل حاجته، قرب النار من يده لينذره من نار الآخرة وحميم جهنم.
وعادته جماعة ضالة مارقة تسمى الخوارج، حتى قتلوه صلوات الله عليه في محراب عبادته، فتمادت بعد قتله خلافة بني أمية. ولم تنته عداوتهم وبغضاؤهم بقتله، بل كانوا يسبونه فوق المنابر إلى سنين بعد قتله، كل ذلك لأن كثرة فضائله تهدد تصديهم لخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما قوله: إن الكذب في أحاديث الفضائل جاء من جهة الشيعة.
فالصحيح فيه أن جعل أحاديث الفضائل للخلفاء جاء من جهة