وقال في ص ١٥٢: ومن نصوصهم في هذه المسألة أن للقرآن ظهرا وبطنا، وببطنه بطن إلى سبعة أبطن.
أقول: إن كلام الخالق سبحانه وتعالى ليس مثل كلام المخلوقين لا يراد من كلامهم إلا معنى واحد، إما المعنى الظاهر، أو معنى خلاف الظاهر إذا اقترن بقرينة صارفة عن المعنى الظاهر ومعينة لغيره في كونه هو المراد دون المعنى الظاهر، والمعنى الظاهر هو الذي يتبادر من الكلام من دون قرينة، وهو المعنى المتعارف استعماله فيه.
وأما كلام الله سبحانه وتعالى فأريد منه المعنى الظاهر إلا إذا اقترن بقرينة تصرفه عنه، لقوله تعالى: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر﴾ (١).
وأريد منه معان أخرى أيضا، لقوله تعالى: ﴿ولقد أنزلنا إليك القرآن تبيانا لكل شئ﴾ (٢).
والمعاني الباطنة إنما يعلمها من عنده علم الكتاب وهو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي خوطب بالقرآن، ومن أودع عنده علم القرآن بعد رحلته من دار الدنيا.
قد يكون المعنى الظاهر للعبارة المتعارف استعمالها فيه غير المعنى المتشكل من المعاني الموضوع لها مفردات كلماتها، كقوله تعالى: (لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) (٣)، فإن المعنى الظاهر منه الامر بالانفاق والنهي عن المبالغة فيه.
ومن هذا القبيل قوله تعالى: ﴿يد الله فوق أيديهم﴾ (4)، فإن المعنى الظاهر