والصغار، وجعل منقلبهم إلى النار.
قال العاقب: فما أشعرك - يا حار - أن يكون هذا النبي المذكور في الكتب هو قاطن يثرب، ولعله ابن عمك صاحب اليمامة، فإنه يذكر من النبوة ما يذكر منها أخو قريش، وكلاهما من ذرية إسماعيل، ولجميعهما أتباع وأصحاب يشهدون بنبوته، ويقرون له برسالته، فهل تجد بينهما في ذلك من فاصلة فتذكرها؟
قال حارثة: أجل والله أجدها والله أكبر، وأبعد مما بين السحاب والتراب، وهي الأسباب التي بها وبمثلها تثبت حجة الله في قلوب المعتبرين من عباده لرسله وأنبيائه.
وأما صاحب اليمامة فيكفيك فيه ما أخبركم به سفهاؤكم وغيركم، والمنتجعة منكم أرضه ، ومن قدم من أهل اليمامة عليكم، ألم يخبركم جميعا عن رواد مسيلمة وسماعيه، ومن أوفده صاحبهم إلى أحمد بيثرب فعادوا إليه جميعا بما تعرفوا هناك في بني قيلة وتبينوا به؟!
قالوا: قدم علينا أحمد يثرب وبيارنا ثماد، ومياهنا ملحة، وكنا من قبله لا نستطيب ولا نستعذب، فبصق في بعضها ومج في بعض، فعادت عذابا محلولية، وجاش منها ما كان ماؤها ثمادا فحار بحرا.
قالوا: وتفل محمد في عيون رجال ذوي رمد، وعلى كلوم رجال ذوي جراح، فبرئت لوقته عيونهم فما اشتكوها واندملت جراحهم فما ألموها، في كثير مما أدوا ونبؤوا عن محمد صلى الله عليه وآله من دلالة وآية.
وأرادوا صاحبهم مسيلمة على بعض ذلك، فأنعم لهم كارها، وأقبل بهم إلى بعض بيارهم فمج فيها وكانت الركى معذوذبة فصارت ملحا لا