بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٠٤
ج. روى الطبراني بسنده عن أنس بن مالك أنه لما ماتت فاطمة بنت أسد حفروا قبرها، فلما بلغوا اللحد حفر رسول الله بيده وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ دخل رسول الله فاضطجع فيه، وقال:
الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين. (1) إلى هنا تم البحث عن أقسام التوسل الثلاثة وعرفت أن الجميع يدعمه الكتاب والسنة وتصور أن التوسل بغيره سبحانه تأليه وعباده لغيره قد عرفت بطلانه وذلك لوجهين:
الوجه الأول: لو كان التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذاته أو حقه شركا يلزم أن يكون كل توسل كذلك حتى التوسل بالغير في الأمور العادية مع أنه باطل بالضرورة، لأن الجميع من قبيل التوسل بالأسباب، عادية كانت أو غير عادية، طبيعية كانت أو غير طبيعية.
الوجه الثاني: قد عرفت في تعريف العبادة أنه الخضوع أمام الغير بما هو إله أو رب أو مفوض إليه أموره سبحانه، وليس واحد من هذه القيود متحققا في التوسل بالأنبياء والصالحين والشهداء بل يتوسل بهم بما أنهم عباد مكرمون يستجاب دعاؤهم عند الله سبحانه، أو أن لذواتهم وحقوقهم منزلة عند الله، فالتوسل بهم يثير

1. معجم الطبراني الأوسط: 356، حلية الأولياء: 3 / 121، مستدرك الحاكم: 3 / 108.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»